21 Jul
21Jul

تأليف: حنان مهدي
رسم: بدر الدين لغدامسي

يَنظرُ دُودُو إِلىَ شكلِ جِسمِه فَيرَى بأَنَهُ لاَ يَملكُ جَنَاحَينِ قَوِيَينِ كَوَالِدَيهِ تُمَكِنُه مِن الطَيَرانِ، كَمَا أنَه ضَعِيفُ البُنيَّة جِدًا جِدًا .

دُودُو يُحِسُ بِأنَه عُصْفُور عَدِيمُ الفَائِدَة فَهُو لاَ يَقٌوَى حَتَى عَلَى إطْعَامِ نَفْسِه، فَمِن يَأتِي لَه بالطَعَامِ ؟

إنَهَا أمُه ذَاتِ الرِيش الأزرقِ الجَمِيلِ، فَهِي تَطيرُ فِي السَمَاء بكل الأَوقَاتِ وَتَتَنَقَلُ بَيْنَ الغَابَات وَالحُقُول ..لاَ تترُك أَي مَكانِ حَتَى تَجِدَ طَعَامًا لِتَضَعه فِي بَطنِ دُودُو .

اليَومَ ، بَيْنَمَا كَانَ دودو يَجلِسُ مُرتَاحًا فِي عُشِه أَعلَى الشَجَرَة اقتَرَبَت أمُه منهُ وهِيَ تُنَادِي عَليهِ بِمَحَبَة :" اِشْتَقتُ إِلَيْكَ يَا صَغِيرِي كَثِيرًا ".. كَانَت تَحملُ بِمنقاَرِهَا دَوْدَة صَغِيرَة فَوضَعْتُهَا فِي فمهِ مبَاشَرَة .

كَانَ دُودُو جُائِعَا فَالَتهم وَجْبَتُهُ اللَذِيذَة لَكِنَهُ شَعَرَ بِالسُوء مِن نَفسِه فَقَال مُنْزَعِجًا :" لِمَ يَا أُمِي أَنَا هَكَذَا ؟"

قَالت أم دودُو :" وَكَيفَ أنتَ يَا صَغِيرِي ؟". ردَ دُودُو :" لِمَ لاَ أَطِيرُ مثلكِ لأَبْحثَ عَنْ طَعَامِي بِنَفْسِي ! لِمَ لَستُ قَويًا مِثلَكِ ؟!" ..اِبتَسمَت أُمُ دُودُو وَقَالَت :"لَقَد كُنتُ مِثلَكَ ذَاتَ يَومٍ يَا بُنَي ".

شَعَرَ دُودُو بِالحَيرَة فَقَالَ :" حَقا كُنتُ ضَعِيفَة هَكَذَا !". رَدَت :" نعَم ،أنَا ووالدكِ والجَمِيعَ كَانَ هكَذَا فَنَحنُ حِينَ نُولَدُ لاَ نَعرِفُ شَيئًا عَنْ هَذِه الحَيَاة وَمَعَ الوَقتِ نَكبُرُ ويَنمُو جِسمنَا فَيصبِح صلبًا قَويَا وَحينهَا يمكِنُنَا أَنْ نَفعَلَ وَنُحَقِقَ كُل مَا نريدُهُ "

فَرِحَ دُودُو فقال:" هَذَا يَعنِي أنِي سَأَطِيرُ ذَاتَ يَومٍ مِثلَكِ ". قَالت أُمُه :" وَحَتَى يَنمُو جَسَدُك عَليكَ أَنْ تَأكُلَ جَيدًا لِذَلِكَ أُحضِرُ لَكَ هَذَا الطَعَامَ ..فقط اِصْبِر قَليلاً "

حَل الظَلاَمُ فَنَامَ دُودُو سَعِيدَا وَهُو يَحْلُمُ باليومِ الذِي سَيطِيرُ فِيه وَتَتحَقَقَ أمنيتُهُ ، " نَعم ،نَعم ..دُودُو سَيَطِيرُ و لنْ يَبْقَى ضَعِيفًا لِلأَبَد " . هَكذَا كَان يرَدِدُ في أَحلاَمهِ.

لَقَد مَرت شُهُورٌ الآن ..دُودو كَبُرَ وصارَ عصفورًا برتُقالياً بهيجَ اللَونِ.. لكنَ أُمهُ الطيبَة لا تنسَى أن تحضِرَ لهُ شَيئًا منَ الطَعَام الذي تصْطَادُهُ فيستقبلهُ فرحًا ناهمًا إيَاهُ بمنقارهَ الحاد، فقدْ صَارَ هُوَ أيضًا يأتِي لهَا بالطَعامِ أحْيَانًا .

تعليقات
* لن يتم نشر هذا البريد الإلكتروني على الموقع.
تم عمل هذا الموقع بواسطة