تأليف: وفاء نزاري
رسم: عبد الوهاب عامر
شَعَرَ الدُّبُ أَنُوس ذَاتَ مَرَة فِي ذَلكَ القُطبِ البَارِدْ المتجمد الذِي يَعِيشُ فِيه بِأنَهُ يُريدُ أن يَفْعَل شَيئا مختلفاً لم يعتَد على فعله من قبل.. فرَاحَ يُفَكرُ بتركيز شديد باحثا عن فكرةِ جديدة.خطرت على باله فجأة فكرة .فقال: "حقاً هذا مذهل ..كيف لم أفكر في ذلك من قبل؟!سأفتتح مدرسة لتعليم التزحلق على الثلج !" .لكنّ" أنوس" لَم يَكن يُجيدُ التَزَحلُق وَلَا يُتقِنُ هَذهِ الرِياضَة عَلَى الإطلاَق ، فَرغْمَ أَنَه يَسكُن بِالقُطب المُتَجَمد إلَا أنَه كَان فَاشِلاً في اِتَقَان هَذه اللُعْبَة .كَانَت الزَرَافَة "تَانَا" تَلفُ أرجَاء المَدينَة بِالقُطبِ المُتَجمِد ..وَ بَينمَا هِي تُمر عَلى بَيت الدُب انُوس لَمَحت وَرَقة مَعَلقَة عَلَى جَانبِ البَاب وَ قَرأتْ :" مَدرَسة لِتَعْليم التَزَحلق"...هَتَفَت الزَرَافة قَائلة:" آآآه ،حَقَا هَذَا رَائع جِدًا !..وَ أَخِيرًا وَجدتُ شَخصًا يُعلِمُني هَذِه اللُعْبَة، حُلمِي تَحَقَقَ الآنَ.
طَرَقَت الزَرَافَةُ على بَابَ المَدْرَسة، سَلمَتْ عَلَى الدُّب قَائِلة:" صَبَاحُ الخَيْرِ يَا سَيدِي الدب الأبيضَ" ، فَرَدَ عَليْهَا:" عِمْتِ صَبَاحًا أَيَتُها الزَرافة الجَمِيلَةُ، أكِيد أنَكِ تُرِيدِينَ تَعَلمَ التَزَحلق، أَليْسَ كَذَلِكَ؟"
الزَرَافَة بِابتِسامَة جَمِيلة: " نَعَمْ أَيُّهَا الدُّبُ أنُوس، فَأَنَا مُولَعَةٌ بِالتَزلجِ على الثلجِ ويشدني لونه الأبيض الساحر " ضَحِكَ الدُّبُ أنُوس وَقَالَ لَهَا :
" لَم تُخطئِي العُنْوَان.. أَنْتِ فِي المَكَان المُناسِب وَسَتصبِحِينَ أَبرَع مُتَزَلِجة إذَا اِتَبَعْتِ نَصَائِحِي بِشكل دَقِيق".
هَتَفَت الزَرَافَة :" شُكْرًا لَكَ يَا مُعَلِم".
حَمَلَ الدُبُ وَ الزَرَافَة مُعِدَات التَزَلج وَ قَصَدُوا هَضَبَة عَالِيَة يَكْسُوهَا الثَلج . شَعَرَ الدُّب أنُوس بالرهبة قليلا لأَنَهُ سَيُعَلِمُ شَيئاً لَم يَقُمْ بِمُمَارَسَتِه أَو تَجْرِبَتِهِ طوالَ حَياتِه.. أَمَرَ الزَرَافَة بِأنْ تَرتَدي حذاء التَزَلج وَتمسك بالقُضْبَان جَيدًا حَتَى يُسَاعِدَانِهَا عَلَى تَثْبِيت تَوَازنهَا .. قَالَ الدُب:" قِفِي عَلَى الهَضَبة ذَات القِمة العَالية وَاتبِعِي تَوجِيهَاتِي " رَدَتْ الزَرَافة:" وَلَكن عَلَيكَ اَنْ تَتَزَحْلَقَ أوَلًا لأَتَعلَم كَيْفَ أفَعلُهَا "..
تَرَدَدَ الدُبُ قَليلاً وَرَاح يَقُول:" آآه، اَنْتِ مُخطِئَة لنْ تَتَعلمِي إِلا اذَا جَربْتِ بِنَفسِك ".
حَاوَل الدُب اقنَاع الزَرَافة أن تَمضي أولاً لكِنَها رَفَضت طَلَبَه بِشِدَة وَأصرَت عَلى اَن تَراه يَتَزَحْلقُ أولاً... لَم يَجِد حِيلَة لِلْتَهَرُبِ مِن إِصْرَار الزَرَافة فَقَبِل وَالخوْفُ يَملأُ قَلبَه .َ
وَقَفَ الدُّبُ عَلَى خَطِ الاِنْطِلاَق وَ هُوَ لاَ يَدْري كَيْفَ يَخْرُج مِنْ وَرطَته،تَأَمَلَت الزَرَافةُ خَطَوَات الدُّب المتثاقلة.. رَمَى بِنَفْسِه مُحَاولاً التَـــزَلُجَ لَكِنَه تَدحْرج حَتى صَار كَومَة ثَلج كَبِيرة .
لَم تُصدق الزَرَافة مَا رَأتْه وَأَدرَكتْ انَ الدُب قَد خَدَعَها ..وَهُو لَيْس بِمُعَلم لِرِيَاضَة التَزَحْلق ..فَاسْتَاءت لِأنَ احْلاَمَها تَبَخَرَت وَرَاحت عَائِدَة أَدْرَجَهَا تَقُول:" لاَ خَيرَ فِي التَعَلُمِ عَلَى يَدِ مَنْ لاَ يَفْقهُ عِلْمَهُ"، بَيْنَمَا بَقِيتْ الحَيَوَانَات الأُخْرَى تَتَأَمَل أَنُوس و هَو يَنْفُضُ الثَلجَ عَنه وَيَصرُخ "سَاعِدُونِي.. سَاعِدُونِي".