حوار: وفاء نزاري
- بداية، من تكون الكاتبة سحر نجا محفوظ ؟
بداية أنا زوجة و أم، ومن ثم كاتبة لقصص الأطفال واليافعين، ولولا أمومتي لربما كنت بعيدة تماما عن هذا الحقل الذي عشقته وأصبح الأوكسجين اليومي لحياتي.
درست إدارة الأعمال بالجامعة الأمريكية في بيروت، و عملت في دبي، و سرعان ما اندمجت في العالم السحري للأطفال و قررت التفرغ له و التعلم بسرعة، و منها قررت انشاء مجموعة للكاتبات و المبدعات في الإمارات تحت اسم "هنَّ" للاستفادة من خبرات بعضنا.
-ماهي حكاية بدايتك مع الكتابة للطفل، و كيفَ تطور الأمر فيما بعد؟
لم أكن أعلم أنني استطيع الكتابة للطفل، ترددت كثيرا قبل خوض التجربة. كنت أروي لأطفالي قصصا قبل النوم من مخيلتي، و بدأت الكتابة في صحيفة الخليج بصفحة القراء ونشروا جميع المواضيع التي أرسلتها لهم و التي كانت تتحدث عن الحياة والمشاكل اليومية. ثم اقترحت صديقتي وقريبتي، وهي تكتب للأطفال ولها اسم لاَمِعٌ، أن أجرب الكتابة لليافعين لأنها فئة مظلومة قليلاً في أدب الطفل العربي. و هذا ما حدث، وعرضنا القصة على دار نشر في لبنان فنشروها بسرعة، وكانت قصة "لغز الصغير" باكورة أعمالي ومفتاحي لهذا العالم السحري. ثم أحببت التوجه الى الطفل الأصغر عمراً وبدأت مع دار كلمات، والآن أمتلكُ مَا يُقَارب 21 قصة منشورة مع أكثر من دار نشر.
- حدثينا عن شيء من أعمالك القصصية التي أصدرتها ؟
ربما يعلم شعوري من يكتب قصة أو رواية، فإن جميع قصصي هم أطفالي الذين أفخر و أعتز بهم و أحب الاحتفاظ بهم. ولكن ربما أقرب قصتين الى قلبي هما "أحمر حلو" و "حبات المطر غزل البنات"، لأنني أستمتع بقراءتهما أمام الأطفال وأرى الابتسامة على وجوههم الصغيرة. ولديّ قصة قيد النشر وأنتظرها بلهفة وأعتقد أنها سوف تكون بداية التغيير قليلا في نوعية الكتابة لديّ، أو ربما نقلة صغيرة الى مكان مختلف.
-اتخذت قرارا شجاعا بالتفرغ لأدب الطفل وتخليت عن وظيفتك.. كيف حدث الأمر؟
لم أخطط كثيراً للأمر، فالوظيفة كانت بالنسبة لي واقعاً عشته لمدة 20 عاماً ولم أفكر بالتخلي عنه لعدم وجود البديل. و لكنني بعد أن غصت أكثر في عالم الكتابة للطفل، وبعد أن أصبحت أقوم بالكثير من ورشات العمل و القراءات القصصية والتفاعلية مع الأطفال في المدارس والمراكز، جلست مع نفسي لفترة ورأيت أن فرحي في الكتابة للطفل، عكس وظيفتي التي لم تزد لي شيئا من الخبرة.
لحد الآن كيف تصفين تجربتك مع أدب الطفل ؟
ما زلت في بداية طريقي بهذا المجال، و لم أبني بعدُ أي خبرة أو تجربة واقعية حقيقية، بل كلها تجارب صغيرة و بسيطة. قلت لصديقتي يوما أنني لا أشعر أنني أكتب لأدب الطفل لأنني لا أعرف مواصفات الكتابة لهذا النوع من الأدب، بل أكتب على سجيتي وكما أرتاح دون قيود، وكان ردها أنني طالما أكتب بسلاسة و بساطة فأنا أصل للطفل من أقصر الطرق، واقتنعت بإجابتها وفرحت.. وأحاول أن أبقى في هذا الإطار. أدب الطفل كلمة فضفاضة وتتسع للكثيرين وأنا منهم، و لكن هناك رواد وهناك من يحاول إثبات نفسه و مكانه، وأنا من الفئة الثانية وفي مؤخرة الصف ربما، مشواري ما زال طويلا لأثبت نفسي ولكن عزيمتي قوية جدا.
- عن واقع أدب الطفل العربي ..ما تقييمكِ له؟
أدب الطفل العربي بخير وقد بدأ بالنهوض والتحسن مجدداً. والسبب الرئيسي وجود عدد كبير من المواهب الكتابية الرائعة التي أصبحت تتكلم بلسان الطفل دون وعظ، وتترك له حرية الولوج في عالم الخيال. بالإضافة طبعاً الى اهتمام دور النشر الحديثة التي أصبحت ترتقي الى العالمية من حيث اختيار النصوص والانتاج والإخراج والتوزيع. وأصبحت الكثير من القصص الحالية تتُمّ ترجمتها الى لغات أخرى لإعجاب الآخرين بها. وضع أدب الطفل في صعود مستمر، ويبقى الدور الأهم الآن للأهل من حيث التشجيع على القراءة والمشاركة في ذلك.
- حتى نؤسس لأدب طفل عربي بمستوى عالمي كيف نحقق ذلك؟
لقد بدأ هذا الأمر بالفعل، وبدأنا نرى قصص بعض الكتاب العرب تتم ترجمتها الى لغات عدة. إن الوعي الحالي لاحتياجات الطفل ومشاكله وما يودّ ان يسمعه ويراه ويقوله قد أسس بالفعل لأدب طفل عربي سوف يبقى لأجيال قادمة، بالاضافة الى التنافس الانتاجي الإيجابي لإصدار كتاب يحاكي ذائقة الطفل العربي ويلامس العالمية. ما زلنا ربما في بدايات الطريق ولكننا بالاتجاه الصحيح وأنا شخصيا متفائلة بأن يصل أدب الطفل العربي الى العالمية ويكون له مركزا مهما فيها.
عموما.. أسلوبك في الكتابة مالذي يُميِّزكِ عن غيرك من الكتاب؟
لا أدعي التميّز عن بقية الكتاب أبدا، فقد سبقني الى هذا الأسلوب الكثيرين الذين تأثرت بهم وأحببت قصصهم وكنت من معجبيهم من خلال حكاياتهم وقبل أن أتعرف عليهم شخصيا. أقول فقط أنني أتبع الاسلوب البسيط السلس الذي يستطيع أن يصل الى الطفل دون تكلف أو عرض عضلات في الكتابة، ربما أتحدث عنه أو بلسانه وربما أستعير منه بعض الحركات والعبارات، وهذا كله يريحني خلال الكتابة وأدركت لاحقا أنه يريح الطفل خلال قراءته لقصصي.
- ما الذي تسعين لتقدميه للطفل من خلال أدبكِ ؟
القارئ الصغير ناقد لاذع وملاحظاته دقيقة، ورأيه ربما يغيّر من طريقة عرضي لقصة جديدة. أحاول من خلال قصصي أن تكون هي المرآة التي يرى فيها الطفل نفسه أو أصدقائه، أن تكون القصص هي نافذته الى عالم جديد مليء بالألوان، فيها من الواقع الكثير ولكنها أيضا خيالية ليستطيع الغوص فيها متى شاء.
- بماذا تنصحين الكتاب المبتدئين الذين يريدون ولُوج عالم الكتابة للطفل؟
ربما لست مؤهلة لإسداء النصائح بعد، ولكنني اؤكد أن القراءة بكثرة وتنوع لمختلف أنواع الأدب ولكتاب محليين وعالميين هو المفتاح الأساس للنجاح في هذا العالم الرائع. الصدق في المشاعر من خلال القصص هو أيضا عنصر هام لأن الطفل يستطيع التمييز بسهولة، وربما عدم تحديد إطار لتفكير الطفل وتركه يبحث عن بعض الإجابات لتساؤلاته من خلال القصص، وبهذا أعني عدم توجيه أفكاره أو حدّها.
- ماذا عن مشاريعكِ الحالية والمستقبلية، هل من نشاطات ؟
لديّ عدة مشاريع حاليا، منها قصة "صانعة الحكايات" وفيها الكثير من الخيال الممتع على الأقل بالنسبة لي، وقصص أخرى قيد الرسم والإخراج. كما أن لي تعامل مع مؤسسة خاصة لنشر العديد من القصص التعليمية البسيطة. بالإضافة الى تكرار تجربة المخيم الإبداعي في دبي والذي لاقى استحسان الأهل والأطفال، وورشة عمل للأمهات حول الكتابة الإبداعية، وغيرها من المشاركات في المهرجانات الأدبية والمعارض والمؤتمرات.
- كلمة أخيرة لقراء حكايا كيدز؟
أتمنى لكم النجاح في عملكم الذي ننتظر مثله منذ زمن، وأتمنى من الأهل المثابرة على قراءة القصص لأطفالهم منذ الولادة حتى تكون لاحقا عادة وتعود وليس واجب، فالقصص تأخذنا الى عالم جميل ساحر يفتح آفاق مخيلة الطفل ويعطيه الكثير من الثقة بالنفس.