حوار: وفاء نزاري
يطل علينا الكاتب و الصحفي المصري "طارق سعد" عبر مجلة حكايا كيدز ليحدثنا عن مواهبه و بداياته مع الكتابة للطفل، و أهم الأعمال الأدبية التي أنتجها طيلة مسيرته الشيقة، إضافة إلى أهم النصائح التي يقدمها لكل من يتمتع بموهبة الرسم.
س1: بداية، من يكون الكاتب طارق سعد؟
ج1: طارق سعد كاتب مكافح ، يسعى لإضافة شيئا جميلا الى الحياة .
س2: ماهي حكاية بدايتكَ مع الكتابة للطفل، و كيفَ تطور الأمر فيما بعد؟
ج2: البداية كانت منذ الطفولة والصبا، حيث اكتشفت أنني ألاحظ و أتأمل إلى أشياء كثيرة من حولي، حينها أدركت أنني أستطيع عمل أشياء جميلة تعجب الآخرين، أشياء قد لا يستطيع أن يصنعها بقية الصغار والكبار سواء في البيت أو المدرسة. كنت أرسم و أصنع أعمالاً فنية بالطين والصابون و رقائق الألومنيوم ، و أي خامات متاحة، يمكن استخدامها، و كنت أفرح بالهدايا البسيطة مقابل أعمالي. انتبهت إلى كتب شقيقي الأكبر التي كانت في الفنون، و كنت أزور مكتبة المدرسة كلما سنحت لي الفرصة لذلك فأحببت القراءة بشدة، ما جعلني أكتب قصصا خيالية بسيطة، و صرت زبونا دائما لباعة الكتب القديمة في سور الأزبكية الشهير بقلب القاهرة في شبابي المبكر، إلى درجة أن تلك الزيارات كانت نزهتي الوحيدة و الترفيه المتاح الذى أفضله . و بدأت أرتاد المحافل الأدبية والفنية، أثناء دراستي الثانوية أين تعرفت على كثير من المبدعين و وقر بقلبي أن الله خلقني لأكون كاتبا وفنانا، و منذ ذلك الحين قررت أن تكون تلك هوايتي وعملي وحياتي .كافحت كثيرا لأجل الوصول بأعمالي الأدبية و الصحفية إلى بعض كبريات دور النشر و المؤسسات الصحفية في مصر و الوطن العربي، وكان أدب الأطفال دائما و مازال هو حبي الأكبر .
س3: حدثنا عن شيء من أعمالكَ القصصية التي أصدرتها؟
ج3: بدأت الكتابة في أواخر الثمانينات وأنا دون العشرين، و نشرت أول أعمالي الأدبية و كانت قصة قصيرة بعنوان " من أجل لولو " بجريدة " الحياة " المصرية أواخر الثمانينات . و نشرت قصتي الأولى للأطفال بعنوان " الغزالة الأسد " سنة 1992 بمجلة نصف الدنيا في باب حكاية أعجبتني ضمن الصفحات التي كان يعدها الكاتب الكبير "يعقوب الشارونى".وفى عام 1997 قمت بإعداد نصف صفحة أسبوعية للأطفال بجريدة مغمورة، و استطعت الانضمام إلى مجلة " الشباب " بمؤسسة الأهرام ، ضمن الصحفيين المتدربين والمتعاملين من خارج المؤسسة ، وبدأت نشر أعمالي للأطفال بالمجلات المصرية والعربية مثل " ماجد " و " أحمد " و " قطر الندى " و"علاء الدين " .و أ صدرت عدة كتب للأطفال كان أولها " العصفور " عام 1999 عن " دار المعارف " بالقاهرة ، ضمن سلسلة " يحكى أن " .. ثم " حكاية الأسد المرعوب " من إصدار الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 2003 .. و" الفتى الذي أدهش الخليفة " عن الهيئة المصرية العامة للكتاب بالقاهرة عام 2007 .. و" سمكة حمراء وعصفور أخضر " وهي أيضا من إصدار الهيئة المصرية العامة للكتاب عام 2009.
س4: لحد الآن كيف تصف تجربتك مع أدب الطفل ؟
ج4: هي تجربة صعبة جميلة ممتعة، فيها الكثير من الكفاح والقليل من الفرص وقدر لا بأس به من النجاح . لكنني لم أقدم سوى قدرا ضئيلا مما لدي ، لأنني لا أستطيع التحكم في الظروف، و لكنني اعتصرت روحي في أغلب ما قدمت من أعمال ، للأطفال بالذات.
س5: عن واقع أدب الطفل العربي ..ما تقييمكَ له؟
ج5: أعتقد أن الواقع يؤكد أن لدينا - في الوطن العربي - كنوزا هائلة من روافد الثقافة الغنية والتراث الثرى والقضايا المهمة و الوقائع المحفزة الملهمة ، و لدينا ثروة من الكتاب الجيدين في مصر بالذات . أتصور أن لا مشكلة عويصة في الابداع العربي الموجه للأطفال ، خاصة أن اللغة العربية - نفسها - لغة غنية بديعة مدهشة متفردة .. تقول لك " أبدع أبدع إبدع " أتصور أن المشكلة في الظروف المحيطة بالكاتب، و نحن - هنا - نتحدث عن الكاتب الحقيقي و نطرد من ذهننا الأفاقين، فهي ظروف محبطة في الغالب، أو على الأقل غير مشجعة. و حتى لو كانت ظروفا ممتازة، فهي لا تضمن له الحد الأدنى من العيش الكريم، فضلاً عن تحقيق الذات والنجاح والشهرة، أو حتى الحد الأدنى المعقول من الانتشار المطلوب لعمله الأدبي الذى قد يعتصر روحه لإنجازه، ولو بمقابل مادي بسيط ، أو حتى دون مقابل .
س6: حتى نؤسس لأدب طفل عربي بمستوى عالمي كيف نحقق ذلك؟
ج 6: المستوى العالمي المقصود - هنا - يمكن ترجمته بمعنى وجود نصوص ذات قيَّم فنية ابداعية عالية و محتوى يمس القلب ويحترم العقل ويبهره ، أو بمعنى آخر " نص ممتاز " بين أيدى أطفال العالم ، أو ربما – من وجهة نظر ضيقة – بين أيدى أطفال دولة أجنبية كبرى أو حتى صغرى، لا يهم، المهم أنها دولة أجنبية " تنطق " بغير العربية . كما يمكن القول بأن المقصود بالمستوى الأدبي العالمي لأدب الأطفال هو القصص التي يمكن أن يقبل عليها ويحبها ويتأثر بها الأطفال في أماكن كثيرة من العالم، مصر و العراق و لبنان و باكستان و الهند و أمريكا و فرنسا و روسيا.. الخ.و يحضرني حديث بعض المطربين العرب عن العالمية ، التي يحلمون بها ، ويتخيلون أنها تتحقق بالغناء العربي لبعض العرب في دولة أجنبية ، أو تقديم أغنية أجنبية للعرب، أو حتى مشاركة نجم عالمي في أغنية أو حفل هذا عبث . أتصور أن ما علينا فعله هو توفير ظروف مناسبة للإبداع بشكل أفضل ، وللإحساس بجدوى هذا الإبداع ، و إسناد مهام إدارة النشر و التحكم في تدفقه عبر المجلات و دور النشر إلى المخلصين ذوى الكفاءة و الحس الإبداعي و النقدي و إنعاش حركة النقد ، والترجمة الى اللغات الأجنبية ، ونشر الابداع العربي في الخارج، و لو عن طريق الإنترنت ، لكن بكفاءة و احترافية و مهارة . و اصطناع مايسمى " وكيل ابداع " وهو شخص مبدع أو محب للإبداع و له علاقات واسعة و خبرة كبيرة، تتيح له انتقاء الجيد والرائع من الأعمال ، وتسويقه في الداخل والخارج، من المجلات و دور النشر المحلية، حتى الترجمة و التوزيع والنشر و السعي إلى الجوائز العالمية .و ببساطة و اختصار شديد أقول: لو انتقينا بعض أفضل ما لدينا من أعمال وترجمناها و وضعناها في أيدى الأطفال الغربيين، أو أتحناها لهم ، ودفعناهم إليها، عبر شاشات الكمبيوتر و التلفزيون، فسوف يتحقق لنا ما نريد، بل أكثر بكثير مما نتوقع و نتمنى .
س7: عموما.. أسلوبك في الكتابة ما الذي يُميِّزكَ عن غيرك من الكتاب؟
ج7: لا أدرى ما الذي يميز كتاباتي عند مقارنتها بكتابات غيرى ، لكنني أعرف جيدا أن لدى ما يمكن اعتباره " قوانين " ألتزم بها ، عندما أكتب عامة و للأطفال خاصة . و منها الإلتزام بالبساطة بقدر الامكان ، ومراعاة القيم الاجتماعية و التربوية و النفسية، فمثلا من العسير أن تجدى في أعمالي ما يبارز قيم الحق و الخير و الجمال و الذوق، لأي مبرر أو تحت أي مسمى ، و لن تجدى ذلك العنف والدم الذى قد ينهمر في أعمال أخرى. أحاول تقديم أعمال ترسم البسمة ما دام ذلك ممكنا، أميل للفكاهة وأتجنب الكآبة . و لا أستطيع أن أكتب باستسهال، الكتابة للطفل مهمة جادة و صعبة و أنا أحترم عقل الطفل، و أفترض فيه قدرا عاليا من الادراك والوعي والذكاء .
س8: ما الذي تسعي لتقديمه للطفل من خلال أدبك ؟
ج8: وجهات نظر وخبرات حياة وقيم جمالية و تربوية و إنسانية راقية مغلفة بأطر لطيفة ، بسيطة و ممتعة بقدر الإمكان .
س9: بماذا تنصح الكتاب المبتدئين الذين يريدون ولُوج عالم الكتابة للطفل؟
ج9: أول وأهم نصيحة هي طلب النصيحة من مصدر محترم موثوق، و أول إكتشاف لابد منه هو معرفة حجم الموهبة و القدرات الشخصية و مدى العشق للكتابة. و نصيحتي هنا هي إن لم تكن عاشقا لأدب الأطفال فلا تقربه، و إن لم تكن على قدرها فلابد من التأني، و إن كنت تحلم بالشهرة والثراء فأمامك مسابقات كثيرة بمجلات غير أدب الطفل، جرب حظك هناك ودعك من أدب الأطفال. ثم عليك القراءة و الثقافة العامة، و تنمية الشخصية و الحرص على التميز، و الصبر وعدم التسرع، التوازن و الثقة دون غرور، الملاحظة و التأمل، و التدوين و الواقعية و أمور أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها .
س10: ماذا عن مشاريعك الحالية والمستقبلية، هل من نشاطات ؟
ج10: مشغول حاليا بأكثر من مشروع أدبي و فني، تحتشد في ذهني أفكار كثيرة تتزاحم وتفرض نفسها و تحاول الانطلاق، من بينها أفكار كوميديا تلفزيونية و مسرحية. و فكرة سلسلة مقالات وحكايات حول اللغة العربية " المدهشة ". و نصوص لعدة كتب سوف أرسم بعضها. و كتب للكبار منها "نظرية نتف الريش ". و كتاب حول الكتابة للأطفال بعنوان " دستور الكتابة و النشر للأطفال " .
س11: كلمة أخيرة لقراء مجلة حكايا كيدز؟
ج11: اقرأوا كثيرا و اعملوا بجد و إلعبوا بحيوية، اقبضوا على الطفولة، طاردوا الفرح و احتفظوا بالدهشة.. وببساطة تعلموا الاستمتاع بالحياة .